الرئيسية / البرامج والمشاريع
برنامج تطوير منطقة قصر الحكم
مثّلت منطقة قصر الحكم العنصر الأبرز في معالم مدينة الرياض القديمة، بساحاتها الشهيرة وبواباتها الأثرية وأسواقها الرائجة وأحيائها المتلاصقة ومعالمها التاريخية، وفي مقدمتها قصر الحكم وحصن المصمك. غير أن توسع المدينة وانتقال ثقلها التجاري والسكني إلى أحيائها الجديدة عرّض هذه المنطقة إلى عوامل عانت منها العديد من الأحياء القديمة في مدن العالم، بدأت بهجرة السكان، وضعف البرامج الاجتماعية والاقتصادية، وانتهت إلى تراجع دورها وأهميتها في المدينة.
وضمن برنامج واسع أطلقته الهيئة الملكية لمدينة الرياض في وسط العاصمة، عملت الهيئة على تطوير منطقة قصر الحكم لتستعيد قيمتها الذاتية والمعنوية على مختلف المستويات، كمنطقة تحمل أهمية وطنية خاصة، تتمثل في احتضانها الميلاد الحقيقي لمدينة الرياض، وكونها المنطلق لإرساء دعائم المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله.
برنامج التطوير
وقد اتجه برنامج التطوير الشامل الذي وضعته الهيئة نحو استرجاع المنطقة لمجدها كقلب نابض لمدينة الرياض ومنطقة استقطاب سياحي وثقافي وتجاري، عبر تحفيز النسيج الاجتماعي في المدينة على العودة إلى المنطقة بالتكامل مع القطاع الخاص.
وقد أكد البرنامج على الهوية العمرانية والتخطيطية لمدينة الرياض، عبر استخلاصه قيم العمارة التراثية المحلية في مبانيه، وفي آلية توزيع منشآته ومرافقه الخدمية، وأسلوبه في إعادة تأهيل مبانيه التراثية ومعالمه الأثرية. فبالرغم من التباين والاختلاف في وظائف مباني المنطقة، إلا أنها صممّت وفق لغة مشتركة وارتفاعات متماثلة، وكسيّت جميعها بالحجر الأصفر المعروف بحجر الرياض، لتشكل واحداً من التجارب الناجحة في المزج بين روح العمارة التقليدية والحديثة في تجانس وتناغم تام.
ولكون المرحلية في التوسع كانت إحدى أهداف البرنامج، فقد جرى تطوير المنطقة على عدة مراحل، كما يلي:


المرحلة الأولى
اشتملت مشاريع هذه المرحلة على ترميم حصن المصمك وتحويله إلى متحف، وإنشاء مقر إمارة منطقة الرياض، ومقري أمانة منطقة الرياض وشرطة منطقة الرياض، وتطوير الطرق والمرافق الخدمية في المنطقة، وتكثيف التشجير وتنسيق المواقع.
المرحلة الثانية
ركزت هذه المرحلة على إعادة تطوير المنشآت والمقار التاريخية والتراثية وتهيئة المنطقة بالخدمات والمرافق العامة، حيث شملت مشاريع هذه المرحلة إعادة بناء قصر الحكم وجامع الإمام تركي بن عبدالله، وإنشاء ساحة الصفاة وميدان العدل وساحة الإمام محمد بن سعود وساحة المصمك، إلى جانب تطوير بعض الشوارع المؤدية إلى المنطقة والواقعة داخلها وأجزاء من سور الرياض القديم وبعض بواباتها التاريخية، وكذلك بعض المرافق المكتبية والتجارية.


المرحلة الثالثة
ركزت هذه المرحلة على استكمال تطوير المنطقة من خلال إتاحة الفرصة لمشاركة القطاع الخاص، وقد أنشِئ خلال هذه المرحلة مقرات بعض الجهات كالمحكمة العامة والدفاع المدني، ومسجد الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيـخ، وميدان دخنة، كما تم تطوير سوق الزَّل، بالإضافة إلى سبع مجمعات تجارية أخرى.
قصر الحكم
يعتبر قصر الحكم قيمة تاريخية كبيرة، وشاهد على التطور السياسي في المملكة، فقد كان مقراً للحاكم وملتقى المواطنين بقادتهم وولاة الأمر فيهم منذ عهد الإمام تركي بن عبد الله. وقد أعيد بناء هذا القصر في موقعه السابق على أرض مساحتها (11,500) متر مربع.
وقد استلهم تصميم هذا القصر من الملامح التقليدية لعمارة المنطقة، حيث يبدو ظاهرياً كأنه مؤلف من جزأين: أحدهما جنوبي يتكون من ستة أدوار على هيئة قلعة ذات أسوار وأربعة أبراج في أركانها ترمز ضخامتها إلى القوة والمنعة، إضافة إلى برج خامس في الوسط يشكل مصدر إضاءة وتهوية للأفنية والمكاتب الواقعة تحته، ويلتصق بهذا البرج من جهة الشمال جزء آخر مؤلف من خمسة أدوار. والواجهات الخارجية لهذا القصر شبه مصمتة، فيما تنتشر داخله سلسلة من الفراغات والأفنية متنوعة الأحجام موزعة توزيعاً مرناً تعطي إحساسا بالرحابة والسعة.


المصمك
يحتل المصمك مكانة بارزة في تاريخ مدينة الرياض خاصة والمملكة العربية السعودية عامة، حيث يمثل الانطلاقة المباركة التي تم على إثرها تأسيس وتوحيد المملكة، وقد استخدم المصمك بعد استعادته من قبل الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – كمستودع للذخيرة والأسلحة وبقي يستخدم لهذا الغرض إلى أن تقرر تحويله إلى معلم تراثي يمثل مرحلة من مراحل تأسيس المملكة العربية السعودية. وقد تم تحويل هذا المعلم إلى متحف تم افتتاحه عام 1416هـ تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أمير منطقة الرياض آنذاك.
جامع الإمام تركي بن عبدالله
ظل جامع الإمام تركي بن عبدالله يقوم بدور الجامع الكبير في المدينة لعقود طويلة، وقد أعيد بناؤه في نفس موقعه السابق على أرض مساحتها 16,800 متر مربع، ولهذا الجامع مداخل رئيسة تفتح على ميدان العدل وعلى شارع الإمام تركي بن عبدالله وساحة الصفاة، وتؤدي بعض هذه المداخل إلى ساحة مستطيلة الشكل تبلغ مساحتها نحو 4,800 متر مربع محاطة بأروقة مظللة وتحتها بسطات تجارية.


سور المدينة القديم وبواباتها التاريخية
تم تحديد مواقع البوابات والأبراج ومسار السور والمواد المستخدمة في التشييد وفقاً لدراسات شاملة، والرجوع إلى مصادر متعددة داخل المملكة وخارجها، مما أتاح إمكانية تصميم هذه المواقع بنمطها الأصلي من حيث الشكل والطابع، واستخدمت مواد البناء التقليدية في عمليات التشييد، حيث بنيت قواعد البوابات من الحجر الطبيعي وجدرانها من اللبن، كما استخدم في تنسيقها عروق الأثل وسعف النخيل، واستخدم الطين المقوى بالتبْن في عمليات اللياسة. وتم الاستعانة في بناء هذه العناصر بحرفيين محليين؛ مما ساعد على تشييدها بشكل مماثل لما كانت عليه في السابق.
بوابة الثميري
تمثل بوابة الثميري المطلة على شارع الملك فيصل المدخل الشرقي لمنطقة قصر الحكم. وكانت هذه البوابة في الماضي إحدى المداخل الرئيسة لمدينة الرياض عندما كان سور المدينة القديم ما يزال قائماً، وقد هدمت مع هذا السور عندما بدأ التوسع العمراني يزحف من المدينة إلى خارجه، وقد أعيد بناء هذه البوابة مع جزء من السور ضمن المرحلة الثانية من مشروع تطوير منطقة قصر الحكم وذلك في مواقعها الأصلية، وبأسلوب بنائها السابق وبمواد البناء التقليدية.


بوابة دخنة
أعيد بناء بوابة دخنة في موقعها السابق في نهاية شارع الإمام محمد بن عبدالوهاب عند التقائه مع طريق المدينة المنورة، كما أعيد بناء البرج المجاور لهذه البوابة وكذلك جزء من السور.
برج الديرة
تم إعادة بناء برج الديرة الواقع في المنطقة المحصورة بين سوق الديرة ومجمع الإمارة في جهته الجنوبية.
السور القديم
أعيد بناء سور المدينة على أنقاض السور الشرقي القديم في المنطقة الواقعة شرق مجمع سويقة التجاري، كما جرى توضيح مساره على الشارع بأحجار ذات ألوان مختلفة عن لون الإسفلت في الأجزاء التي تعذرت فيها إعادة بنائه.


الميادين والساحات
تشكل ساحات منطقة قصر الحكم بمدينة الرياض أحد أبرز عناصر برنامج تطوير المنطقة، وتضم كلاً من ميدان العدل وساحة الإمام محمد بن سعود وساحة الصفاة وساحة المصمك، وقد أصبحت هذه الساحات مقصداً للسكان لأغراض تتنوع بين التنزه والتسوق وارتياد المواقع التاريخية.
وتمثل ساحات منطقة قصر الحكم نموذجا مركباً من الساحات المستقلة، التي تشكل مع المنشآت الأخرى في المنطقة وحدة متكاملة ومتناسقة، على مستوى التصميم والمواد المستخدمة والأدوار الوظيفية والتخطيط العمراني للمنطقة بوجه خاص وللمدينة بشكل عام.
ويلمس الزائر لهذه الساحات بساطة التصميم في عناصرها وخلوها من التكوينات المعقدة والمحسنات الجمالية والزخرفية الكثيفة، حيث تشكل الفراغات المسطحة السمة الغالبة فيها.

جوائز عالمية
حققت بعض مكونات برنامج تطوير منطقة قصر الحكم الذي نفذته الهيئة جوائز عالمية؛ فقد فاز جامع الإمام تركي بن عبدالله بجائزة أغا خان العالمية للعمارة في دورتها السادسة التي عُقدت في مدينة سولو بإندونيسيا عام 1415هـ (1995م)، فيما اختارت جمعية المعماريين الدنماركية ساحات قصر الحكم بوسط الرياض كأحد أفضل الساحات في العالم، وذلك ضمن كتاب أصدرته الجمعية عام 1422هـ (2002م) تحت عنوان “الساحات الجديدة للمدن”.