يمثل مشروع المحكمة الجزائية إضافة نوعية تكاملية في جوانبه الوظيفية والعمرانية لمنطقة قصر الحكم، ضمن البرنامج المتكامل الذي وضعته الهيئة الملكية لمدينة الرياض للنهوض بقلب المدينة التاريخي والإداري والحضاري والثقافي، من خلال تجديد المنشآت التراثية وتفعيلها وتطوير منشآت الدولة في هذه المنطقة وتطوير بيئتها السكنية والعمرانية وتطوير قيمتها الاقتصادية.
تقع المحكمة الجزائية في منطقة قصر الحكم وسط مدينة الرياض، حيث تم إنشاؤها على أرض مساحتها 46,330 متر مربع، ويحدها من الشمال طريق المدينة المنورة ومن الشرق شارع آل فريان ومن الغرب شارع سلام. ويتكون مبنى المحكمة من 48 مجلساً قضائياً وخمس قاعات قضائية مشتركة إضافة إلى المكاتب الإدارية المختلفة وغرف الاجتماعات والمكتبة. كما تم تخصيص قسم خاص باستقبال معاملات وقضايا النساء بمدخل خاص مستقل.
وتبلغ المساحة الإجمالية للمباني في المشروع أكثر من 100.000 متر مربع إلى جانب الساحات العامة والطرق وشبكات الخدمات العامة. وقد تم تزويد المبنى ب24 مصعداً منها 8 مصاعد للقضاة و8 للمراجعين و8 للمتهمين، كما نظمت مداخل المحكمة بحيث تتيح حركة منفصلة لكل من القضاة والمتهمين والمراجعين الذين سيكون لكل منهم مداخل مستقلة. كما يتضمن المشروع توفير 1130 موقفاً للسيارات منها 260 موقفاً في قبو مبنى المحكمة و870 موقفاً ضمن مبنى منفصل متعدد الأدوار خاص بالمواقف.
يحتوي الدور الأرضي للمبنى على بهو المدخل الرئيسي ومكاتب الصادر والوارد العام إلى جانب أقسام المحضرين، أما الدور الأول فيحتوي على خمس قاعات قضائية مشتركة، فيما يضم الدور الثاني إدارة المحكمة ومجلسين قضائيين. وتتوزع المجالس القضائية في الأدوار المتكررة بين الثالث والسابع بعدد ثمانية مجالس في كل دور، بينما تم تخصيص الدور الثامن لرئاسة المحكمة والمكتبة ومجلسين قضائيين.
وتحقيقاً للمرونة، تم توزيع الخدمات في أركان المبنى، حيث يوجد في القبو الأول مركزاً للشرطة وغرف حجز المتهمين وقسم الصيانة والتشغيل، أما القبو الثاني فيضم غرف الكهرباء والميكانيكا إضافة إلى 245 موقف سيارة في دوريه الأول والثاني.
تم تزويد المشروع بأحدث التقنيات التي تسهم في تسريع الإجراءات الإدارية والقضائية، وتجهيز المبنى بعدة أنظمة حديثة ومتطورة مثل: نظام إطفاء الحريق بالماء وآخر بالغاز للأماكن الخاصة بتخزين الوثائق المهمة في المحكمة، وكاميرات مراقبة، ونظام تحكم متكامل للأنظمة المستخدمة مثل: الإنارة والتكييف والإنذار وغيرها كما سيتم تزويد المبنى أيضاً بنظام التخزين الحراري لتوفير الطاقة المطلوبة للتكييف وقت الذروة.
تم التخطيط بحيث يحيط مبنى المحكمة ساحات خضراء تتكامل مع ساحة المحكمة العامة، وذلك من خلال إغلاق جزء من شارع آل فريان ليصبح الحلقة الواصلة بين ساحتي المحكمة العامة والمحكمة الجزائية لتشكلان فيما بينهما ساحة كبرى متصلة مساحتها 55 ألف متر مربع.
تم تصميم مبنى المحكمة الجزائية ليكون متعامداً مع محور قصر الحكم ومتماشياً مع النسيج العمراني للمنطقة، مما يتيح الوصول إليه بسهولة ويسر. ويتميز المبنى بارتفاعه الشاهق الذي يبلغ 44 متراً ليبرز للناظر بوصفه صرحاً ذا هيبة ومكانة ترمز إلى وظيفته، وليكون علامة بارزة في قلب العاصمة النابض بالحياة.
ويتكامل مبنى المحكمة الجزائية مع المباني المجاورة له مثل مبنى المحكمة العامة ومسجد الشيخ محمد بن إبراهيم وميدان دخنه والحديقة الأمامية التي تصله بطريق المدينة المنورة لتشكل جزءاً من التجانس الذي تحققه العناصر الرئيسية التي التقت في هذا الموقع الحيوي الذي يتوسط مدينة الرياض.
ولتحقيق انسيابية الحركة داخل المبنى، تم تخصيص مدخل المحكمة الشمالي من محور قصر الحكم لكبار الشخصيات، فيما تم تخصيص المدخل الجنوبي لمراجعي المحكمة، وذلك تمشياً مع مكان مبنى المواقف الذي يقع على الأرض الجنوبية للمشروع والذي يحتوي إلى جانب مواقف السيارات على محلات تجارية ومكاتب في الطابق الأرضي.