تبنت الهيئة الملكية لمدينة الرياض حماية وتأهيل وتطوير منطقة وادي حنيفة، حيث جعلتها من ضمن أولوياتها لما لهذه المنطقة من أهمية كبيرة واستعداد أكبر لجذب الاستثمارات المتنوعة، ولأن هذا الوادي بمساحته المترامية الأطراف والمتشعبة من شمال الرياض إلى جنوبها قادر على أن يكون رئة الرياض ومتنفساً طبيعياً لقاطنيها.
على أرض يصل طولها إلى 120 كم يستريح وادي حنيفة ممتداً من حافة طويق التي تمثل الحدود الشمالية للوادي مخترقاً الجزء الأوسط من هضبة نجد، إلى الحاير جنوب الرياض، ويتراوح عمق مجراه بين (10) أمتـار و (100) متر، كما يتـراوح عرضــه بيـن (100) متر وما يقرب من (1000) متر كأقصى اتساع.
ويمثل وادي حنيفة مصرفاً طبيعياً لمياه السيول والأمطار لمساحة تقدر بـ (4000) كم مربع من المناطق المحيطة به، حيث تصب فيه روافد طبيعية من الأودية والشعاب تزيد على ( 40 ) وادياً أشهرها من جهة الغرب ” الأبيطح، العمارية، صفار، المهدية، وبير، لبن، نمار، الأوسط، ولحا ” ومن جهة الشرق ” الأيسن والبطحاء ” وتبلغ كمية المياه التي تصب فيه يوميا حوالي سبعمائة ألف متر مكعب من المياه.
وينقسم الوادي إلى خمسة أقسام ابتداءً من مجراه هي “بطن الوادي والسهل الفيضي والمصاطب الرسوبية الأفقية أو المستوية الأسطح والجروف والأودية والشعاب” ويزدهر على ضفاف وادي حنيفة التجمعات السكانية كالبلدات والقرى حيث يعملون بالأنشطة الزراعية كالمشاتل وبساتين النخيل والحبوب والخضروات والفواكه، بالإضافة إلى ما يحتويه الوادي من المنشآت الأثرية والآبار والسدود.
ظل الوادي محافظا على توازنه البيئي بين قدراته التعويضية والأنشطة البشرية التي استوطنته حتى بداية التسعينيات الهجرية من القرن الماضي، حيث بدأ تدهور الوادي نتيجة للتطور العمراني الكبير لمدينة الرياض وتأثيره على أجزاء كبيرة من الوادي دون مراعاة طبيعة الوادي ومتطلباته البيئية، حيث بدأت أنشطة نقل التربة من بطن الوادي كما انتشرت الكسارات والأنشطة الصناعية.
وأدى ذلك إلى اختلال التوازن البيئي للوادي، فتعرضت طبوغرافيته وتكويناته الطبيعية لتغير كبير أدى إلى تدهور بناء التربة وتآكل حواف الوادي الطبيعية وتكون الحفر والأخاديد، كما أصبحت أجزاء كبيرة من الوادي مكباً للنفايات بمختلف أنواعها ومخلفات البناء والأنشطة الصناعية.
نظرا لما تعرض له الوادي من تدهور، فقد قررت الهيئة الملكية لمدينة الرياض في اجتماعها الثالث لعام 1408 هـ اعتبار الوادي منطقة محمية بيئيا ومنطقة تطوير خاصة تحت إشرافها في مسعى لمعالجة الوضع المتدهور فيه، كما أقرت الهيئة في اجتماعها الثاني لعام 1415 هـ خطة شاملة لإعادة تأهيل الوادي وروافده ترتكز على عدد من السياسات والتنظيمات والإجراءات والأعمال الهادفة إلى وقف التدهور البيئي للوادي من خلال معالجة وضع الإستخدامات والأنشطة البشرية المخلة بالبيئة، ومن أبرز هذه الإجراءات:
وقد أعدت الهيئة الملكية لمدينة الرياض في عام 1423 هـ المخطط الشامل لتطوير وادي حنيفة ليكون مرجعية تخطيطية تنظيمية شاملة تهدف إلى ضبط جميع الأنشطة البشرية القائمة والمستقبلية في الوادي، وفق الإعتبارات البيئية التي تخدم بيئة الوادي الطبيعية وتزيل عنها الأضرار، ولتوظيف الفرص والإمكانات التي يشتمل عليها الوادي.
ويتضمن المخطط الشامل خطة لإدارة مصادر المياه في الوادي، ومخطط تصنيف بيئي، ومخططاً لإستعمالات الأراضي، وخطة تنفيذية تشتمل على برامج وضوابط التأهيل والتطوير والإدارة المقترحة في الوادي، ومشاريع لإعادة تأهيل الوادي للقيام بدوره الطبيعي وإعادة التوازن البيئي لمحيطه والإستفادة من مقوماته وموارده الطبيعية وتهيئة مرافقه الترويحية للاستثمار.
يُعتبر مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة الأساس الذي ستُبنى عليه لاحقا بقية مشاريع التطوير المستقبلية، وعمل المشروع على تحقيق محورين أساسيين:
وقد اشتمل المشروع على جملة من الأعمال، من بينها تسوية مجاري المياه، وفق ثلاثة مستويات مختلفة من تصريف المياه الجارية، وهي: مستوى المياه دائمة الجريان التي تتغذى من شبكات تخفيض المياه الأرضية في المدينة، ومن شبكات تصريف السيول، وأُعدّ لهذا المستوى قناة مفتوحة للمياه دائمة الجريان مدعمّه بالتكوينات الصخرية و”الهدارات” للمساعدة في معالجة المياه، والحفاظ على قدرتها التصريفية طوال العام وذلك بطول 57 كيلو متراً، بعرض متسع نسبياً يصل في بعض الأجزاء إلى ستة أمتار وبعمق يبلغ 1,5متر، ومستوى السيول الموسمية التي تجري في الوادي في مواسم الأمطار، حيث جرى تسوية بطن الوادي بميل دائم باتجاه الجنوب، وميل عرضي باتجاه القناة الدائمة.
كما جرى تدعيم حوافّ الأودية في بعض النقاط الحرجة، وتدعيم الخدمات والمرافق القائمة في بطن الوادي، بحيث تتحمل غمر مياه السيول. والمستوى الذي يختص بالفيضانات التي تحدث في الدورات المناخية كل 50 سنة تقريباً، ونظراً لكونها نادرة الحدوث، تمثلت تجهيزاتها في وقف تعدي الحيازات الخاصة على مجاري السيول، وإزالة الردميات الضخمة من بطن الوادي والشعاب المغذية له.
وبهدف المزج بين متطلبات المشروع الوظيفية، وبين المعايير البيئية الصارمة التي وضعها المخطط الشامل لتطوير الوادي، تبنى مشروع التأهيل البيئي آلية جديدة لمعالجة المياه الجارية في الوادي، تستند إلى نظام معالجة طبيعي غير كيميائي، يعتمد على إيجاد البيئة المناسبة في المجرى المائي لتواجد وتكاثر الأحياء الدقيقة التي تستمد غذاءها من المكونات العضوية وغير العضوية في المياه.
وقد جاء اختيار هذا النظام الطبيعي لمعالجة المياه، نتيجة انخفاض كلفته التشغيلية، فضلاً عن كونه وسيلة طبيعية تتواءم مع بيئة الوادي، فهو يعمل على تكوين دورة كاملة للسلسلة الغذائية الهرمية لمجموعة من الكائنات الحية التي يمكن أن تعيش في المياه، بحيث يكون المصدران الأساسيان في العملية الحيوية هما ضوء الشمس والأوكسجين، اللذان يساعدان على نمو الأحياء الدقيقة والطحالب، والتي تتغذى بدورها بالكائنات الحية المختلفة المنتشرة في المياه ابتداء بالبكتيريا وانتهاءً بالأسماك والطيور. وسيمكن المشروع من الاستفادة من المياه المصروفة إلى الوادي على مدار العام، عن طريق معالجتها وإعادة استخدامها بشكل آمن في الأغراض الزراعية والصناعية والحضرية.
وفي الإطار ذاته، تم اختيار، بطن الوادي المحاذي لـ “ميدان الجزائر” في الجزء الجنوبي من مدينة الرياض، لاحتضان “محطة المعالجة الحيوية للمياه” تبلغ مساحتها أكثر من 100 ألف متر مربع، وتهدف إلى زيادة طول جريان المياه، ومن ثم تزويدها بالهواء لزيادة نسبة الأوكسجين فيها، وذلك للمساهمة في نمو الكائنات الحية التي تتخلص من ملوثات المياه.
وتمتاز المحطة بقدرتها العالية على المعالجة نظراً لاحتوائها على عدد كبير من الهدارات في مجموعات وأحواض متصلة بقناة المياه الأساسية في المحطة، يبلغ عددها 140 خلية كل خلية بطول 30 متراً، وبعرض ستة أمتار وبعمق مترين، كما زودت خلايا هدارات المحطة جميعها بأنظمة تهوية كهربائية للمياه في حوض الهدارة، لزيادة فاعلية المعالجة، وبالتالي زيادة نسبة الأوكسجين الذائبة في الماء.
كما تضمن المشروع إعادة تنسيق المرافق العامة في محيط الوادي، لتحسين وضعها بما يتلائم ووضعه الجديد ومتطلباته البيئية الحساسة، عن طريق تحويل جميع خطوط المرافق الهوائية إلى خطوط أرضية بالتنسيق مع الجهات المسؤولة عنها. وكذلك تحديد منطقة ممتدة بطول الوادي، تكون ممراً لخطوط المرافق المحلية المارة عبر بطن الوادي، وتغذي الجهات المستفيدة بالخدمات عبر هذا الممرّ بحسب مواصفات محددة. وحددت في هذا الممر مسارات للخدمات العامة ( مياه شرب، كهرباء، هاتف) عبر خرائط تفصيلية.
جرى خلال المشروع إنشاء طريق للسيارات بطول بلغ نحو 43 كيلو متراً ابتداء من سدّ العلب في الدرعية شمالاً إلى طريق المنصورية، وبعرض يتراوح بين ستة وتسعة أمتار، وضع في مسار جانبي من بطن الوادي، بحيث يكون محاذياً لممرّ الخدمات، ولا يسير في المنتصف كإجراء احترازي لحماية الطريق من السيول، كما جرى إنشاء 22 جسراً ومعبراً عند تقاطع الطريق مع القناة، وتزويد الطريق بمختلف العلامات المرورية التحذيرية والإرشادية والتوجيهية، والتي بلغ عددها أكثر من 730 لوحة تساهم في توجيه وتعريف مرتادي الوادي بما يحتويه من معالم بيئية وطبيعية وخدمات وما يكتنزه الوادي من مواقع بيئية وتراثية.
كما جرى تنفيذ عبّارات على الطريق للوصول إلى الأودية الفرعية، وبعض مداخل المزارع التي تقع فوق قناة المياه الدائمة الجريان، وهو ما أدّى إلى تحسين نقاط الاتصال بين مدينة الرياض والوادي.
كما اشتملت أعمال تحسين شبكات الطرق وتطويرها في المشروع، على أعمال الإنارة في محاذات طريق السيارات وممرات المشاة، عبر تركيب 2500 عمود إنارة، إضافة إلى 600 وحدة إنارة للجسور ومناطق متفرقة من الوادي، إلى جانب تنفيذ مصليات في الأماكن التي لا تتوفر فيها مساجد، وتنفيذ 30 مبنى لدورات المياه للرجال والنساء موزعة على طول الوادي، فضلاً عن إنشاء مواقف جانبية للسيارات تتسع لأكثر من 2000 سيارة، وتجهيز مواقع للأكشاك وحاويات المخلفات.
أما ممرات المشاة فتمتد بطول 47 كيلو متراً، في أبرز المناطق الجمالية المتوفرة على طول الوادي إضافة إلى ممرات مرصوفة بطول 7,4 كيلو متراً، وجرى اختيار مواقعها في محيط التكوينات الصخرية البديعة والمناطق المشجرة، وبالقرب من مجاري المياه، مع مراعاة سهولة الوصول إلى هذه الممرات عبر مواقف السيارات المنتشرة حول الضفتين. وتتكون ممرات المشاة من مسارات ترابية مرصوفة بشكل يسمح بالحركة الراجلة، وعربات الأطفال والمعاقين، وهي محمية بأكتاف من التكوينات الصخرية تعمل كمحددات للممرات، ومزودة بأماكن للجلوس ومواقع مهيأة كاستراحات للتنزه.
ووصولاً إلى إيجاد بيئة نباتية تلائم بيئة الوادي، انطلقت عملية إعادة الغطاء النباتي في مشروع تأهيل وادي حنيفة على عدد من الأسس، من أبرزها: إعادة غرس النباتات التي سبق أن كانت من مكونات الوادي في السابق، واعتماد مستوى تشجير بكثافة يمكن الحفاظ عليه بقدرات الوادي الطبيعية الذاتية من مياه سطحية وجوفية.
وقد تم في هذا المجال غرس 30,000 شجرة صحرواية في بطن الوادي، وغرس نحو 7000 نخلة، ونقل 2000 شجرة صحراوية إلى الوادي كأشجار الطلح والسمر والسلم، وغرس 50,000 شجيرة عن طريق الاستزراع من البذور والشتلات الجاهزة.
تضمن مشروع التأهيل البيئي بالإضافة إلى تأهيل بطن الوادي، إنشاء 6 متنزهات مفتوحة هي : متنزه سد العلب الذي يحتوي على ممرات للمشاة بطول 5,5 كيلو متر، وجلسات للمتنزهين تشمل 93 جلسة، ومواقف للسيارات على جوانب الطريق تتسع لـ 200 سيارة، إلى جانب ممر مرصوف للمشاة بطول 2 كيلومتر مزود بالإنارة والتشجير. ومتنزه سد وادي حنيفة الذي يتميز بـ 27 جلسة للمتنزهين، وممر للمشاة بطول 5,6 كيلومتر. ومتنزه منطقة المعالجة الحيوية بعتيقة والذي يحتوي على 52 جلسة وممرات للمشاة بطول 1100 متر. ومتنزه السد الحجري الذي تبلغ مساحة بحيرته حوالي 10 آلاف متر مربع وبعمق يصل إلى مترين، وتم رصف محيط السد بممرات للمشاة بطول 4,5 كيلومتر، وتنفيذ جلسات للمتنزهين حول البحيرة. كما تضم المتنزهات أيضاً، متنزه بحيرة المصانع والذي يضم ممرات للمشاة بطول 4 كيلومترات، وجلسات للمتنزهين تبلغ 22 جلسة. فيما تبلغ مساحة البحيرة 40,000 متر مربع، بعمق يصل إلى 10 أمتار. وكذلك متنزه بحيرة الجزعة الذي تبلغ ممرات المشاة المقامة فيه 5,5 كيلومتر، وزود بعدد 37 جلسة للمتنزهين، فيما بلغت مساحة البحيرة 35 ألف متر مربع، بعمق يصل إلى ثلاثة أمتار.
يحتوي النظام الإرشادي في وادي حنيفة على (730) لوحة هدفها توجيه وتعريف مرتاديه بما يحتويه من معالم بيئية وطبيعية وخدمات، ويشتمل النظام لوحات لتوجيه الحركة المرورية ولوحات إرشادية للمشاة، ولوحات تعريفية بالمواقع البيئية والتراثية والطبيعية.
وفي هذا الصدد، سنّت الهيئة ضوابط عمرانية لتطوير المواقع التاريخية في الوادي، من شأنها حفظ خصائصه العمرانية وتطويرها ثقافياً وبيئياً واجتماعياً، وربطها بالأحياء المحيطة بالوادي، وحماية المناطق التاريخية من امتداد الممتلكات الخاصة عليها، وتوظيف خصوصياتها التاريخية والعمرانية، فضلاً عن أعمال الصيانة المباشرة لأعمال التشجير والتنسيق، وتحديد أهداف الرعاية للوادي، والمشاركة الطوعية من قبل الأفراد والمؤسسات.
وفي ذات الإطار، وضعت تصاميم ومواصفات لأسوار المزارع القائمة، وبخاصة الأجزاء الظاهرة لمرتادي الوادي، أو المشرفة على بطن الوادي لتحقيق التجانس المطلوب بين عناصر الوادي الطبيعية، حيث وُضعت هذه المواصفات وفق شروط عامة، ومواصفات فنية، من بينها تلبيس السور بحسب الحدود الموضحة بصك الملكية، ومراعاة التقليل من فروق الارتفاعات بين أسوار المزارع المتجاورة، وتلبيس جميع الأسوار المطلة على الوادي مباشرة، والأسوار الداخلية بحجر الرياض، واستخدام موادّ متجانسة مع لون الحجر ضمن مقاسات معيَّنة، ووضع فتحات في أسفل الأسوار عند مواقع جريان السيول، وتلافي جعل زوايا الأسوار حادة، واعتماد شكل البناء التقليدي.
وتطمح الهيئة من خلال هذه الإجراءات إلى المحافظة على العمارة التقليدية في الوادي، على اعتبارها عمارة تراثية عريقة، مع التأكيد على الأدوار التي يتولاها الملاك والمواطنين في المحافظة على هذا التراث العمراني.
وعلى الصعيد ذاته، وضعت الهيئة ضوابط بيئية توفر الأسس اللازمة للتجدد البيئي وصحة البيئة ونوعية الحياة في وادي حنيفة، لمراقبة وتقييم تأثير التطوير وتلوث الماء والهواء والتربة على البيئة، إضافة إلى زيادة الوعي والثقافة البيئية لدى السكان.
وتيسيراً للوصول إلى المعلومات والبيانات ومخرجات الدراسات البيئية المختلفة التي تشكلت لدى الهيئة الملكية لمدينة الرياض عن وادي حنيفة بشكل خاص والمدينة بشكل عام، أنشأت الهيئة “قاعدة المعلومات الجغرافية لوادي حنيفة والمعلومات البيئية” لتساهم في دعم اتخاذ القرار البيئي، وأعمال المتابعة والرصد للمتغيرات والتعديات في الوادي، وذلك عبر استخدام تقنيات نظم المعلومات الجغرافية GIS وأحدث برامج تشغيل وتصفح قواعد المعلومات.
المهندس طارق الفارس يتسلم جائزة مؤسسة الجائزة العالمية للمجتمعات الحيوية عن مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة
ومن جهة أخرى، نال مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة، العديد من الجوائز العالمية كغيرة من برامج التطوير التي تبنتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض، فقد نال المخطط الشامل لتطوير وادي حنيفة، اهتمام وإعجاب كثير من الخبراء والمختصين في مختلف دول العالم، مما أهلّه للحصول على جائزة مركز المياه بواشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية كأفضل خطة لتطوير مصادر المياه على مستوى العالم لعام 2003م، من بين 75 مشروعا قدمت من 21 دولة. وقد تم عرض هذا المخطط في المؤتمر السنوي لمركز المياه الذي عقد في مونتريال بكندا حينها، حيث اعتبرت لجنة التحكيم المكونة من عدد من الخبراء يمثلون مختلف دول العالم، بأن “هذا المشروع يمثل بادرة رائدة في المخططات الشاملة”، كما وصف المخطط بأنه “مشروع عالمي ويضع معايير عالمية جديدة”، وأثنى في المؤتمر على الرؤية المستقبلية والدقة المتناهية التي اتسم بها المشروع.
كما فاز مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة بالمركز الثاني والجائزة الذهبية في جانب المشاريع البيئية في جائزة مؤسسة الجائزة العالمية للمجتمعات الحيوية في لندن ببريطانيا للعام 2007م، وذلك من بين أكثر من 260 مدينة من كافة أنحاء العالم في حقل المدن، ترشح منها للمنافسة النهائية على الجائزة 39 مدينة، كما رشح للجائزة 160 مشروعاً في حقل المشاريع بشقيها البيئي والإنشائي، ترشح منها للمنافسة النهائية على الفوز بالجائزة 29 مشروعاً.
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يستعرض جائزة الآغا خان العالمية للعمارة التي فاز بها المشروع
كما فاز مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة بجائزة الآغا خان العالمية للعمارة لعام 2010م، وجرى إعلان الفوز خلال احتفال رسمي أقيم برعاية الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، وذلك في متحف الفن الإسلامي في العاصمة القطرية الدوحة مساء الأربعاء 18 ذو الحجة 1431هـ، وجاء فوز المشروع بالجائزة ضمن خمسة مشاريع حول العالم، تم اختيارها من قبل هيئة مستقلة للمحكمين لدورة الجائزة في عام 2010م، وقد تم انتقاء المشاريع الفائزة من بين 401 مشروع تم ترشيحها للجائزة.
وبعد أن وصل المشروع التأهيلي إلى هذه المرحلة من التطوير والتأهيل تبقى عملية المحافظة على هذه المكتسبات والإنجازات ليس بالأمر السهل ولا الهين، إذ إن تأمين الاستدامة لبيئته الطبيعية تحتاج لتضافر جهود مرتادي الوادي مع جهود الهيئة للوقوف على تأمين الحماية لهذه المنجزات.
في ضحى الإثنين الموافق 20 ربيع الآخر 1431 هـ، رعى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، رئيس الهيئة الملكية لمدينة الرياض – آنذاك، افتتاح مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة، بعد إكمال الهيئة لأعمال تطويره، مفتتحاً سبعة مواقع من عناصر المشروع، ضمت متنزهات مفتوحة، ومحطة المعالجة الحيوية للمياه، وبحيرات.
يقع وادي نمار في الجزء الجنوبي من مدينة الرياض، ويمتدُّ من الغرب إلى الشرق ويلتقي مع وادي حنيفة في منطقة عتيقة، ويغطي مشروع التأهيل البيئي لوادي نمار، في مرحلته الأولى مسار الوادي ابتداء من بحيرة سد نمار حتى التقاءه بوادي حنيفة في حي عتيقة.
واشتمل العمل على تهذيب مجاري السيول، وإنشاء الطرق المحلية، وإنارتها، وتزويدها بالنظم الإرشادية، وتحسين حركة المرور لخدمة أصحاب المزارع والمتنزهين، وتنفيذ ممر للخدمات بجانب الطريق، كما تضمن المشروع، إعادة زراعة الموقع بالأشجار والنخيل والنباتات المحلية، وتنسيق الأرصفة والممرات، وإنشاء كورنيش مطل على بحيرة السد، إضافة إلى تزويد الموقع باحتياجاته من المرافق والخدمات.
ويتضمن الأعمال التالية:
تقوم خطة الحركة المرورية في الوادي على الاقتصار على الحركة المحلية التي تخدم قاطني الوادي والمتنزهين فيه، وقد جرى تصميمه بطريقة تقلّل من تأثره من جراء الفيضانات والسيول، كما تحول حواف الطريق الصخرية دون دخول المركبات إلى بطن الوادي.
ويمتد الطريق المحلي في وادي نمار بطول ستة كيلومترات، ويتوفر على جانبية مواقف للسيارات تتسع لـ 800 سيارة، وجرى تزويده باللوحات الإرشادية، والعلامات المرورية، ومخففات السرعة.
تم تنفيذ ممرات ترابية للمشاة في الموقع بطول 892 متراً، تمر عبر التكوينات الصخرية، والمناطق المشجّرة، وبالقرب من قناة المياه وتهيئته لممارسة رياضة المشي، فيما تمّ تجهيز الرصيف المحاذي للطريق كممر للخدمات.
أنيرت الطرق وممرات المشاة بما يتناسب مع بيئة وطبيعة الوادي من خلال تركيب وحدات الإنارة بعدد 245 عموداً في الساحات المفتوحة، وفي مواقع متفرقة في أرجاء الوادي.
خضع وادي نمار لعملية تأهيل واسعة في جانب إعادة الغطاء النباتي، احتضن عبرها الوادي أكثر من 520 نخلة تم غرسها على امتداد رصيف المشاة، فيما غرست أكثر من 9500 شجيرة من مختلف الأصناف في بطن الوادي.
وقد جرت عملية التشجير وفق الأسس العلمية التي تحقّق الاستدامة في المشروع، وتراعي المتطلبات البيئية والمناخية للمنطقة، حيث جرى استخدام الأشجار المنتمية لبيئة الوادي الصحراوية، وزوّدت بنظام للري يستخدم في مواسم الجفاف، مكوّن من عدد من الآبار وخطوط للري بطول 1600 متر.
تبلغ مساحة بحيرة سد نمار 200 ألف متر مربع وبطول 2 كم وبعرض يصل إلى 170م، ويبلغ أقصى عمق للبحيرة 20 م، وتشكل أحد المناظر الطبيعية الخلابّة في الموقع، فضلاً عن دورها في تلطيف أجواء المتنزه، ومساهمتهما في إنعاش الحياة الفطرية حوله.
كما تم تنفيذ قناة حجرية للمياه دائمة الجريان في الوادي بطول 3100م وعرض 8م وبعمق 1,5 م من سد نمار إلى المصب بوادي حنيفة.
جُهزت الأرصفة المطلة على بحيرة المتنزه على شكل كورنيش بطول 2 كيلومتر، بحيث تتناثر فيها أشجار النخيل، وتتوزع في جنباتها دورات المياه والأكشاك، كما جهزت بمواقع للجلوس مطلة على البحيرة، ومداخل لتنقل المتنزهين بين أطراف البحيرة والكورنيش.
يمتد وادي لبن من غرب المدينة إلى الشرق ويلتقي مع وادي حنيفة في منطقة القرشية، ومشروع التأهيل البيئي لوادي لبن، يغطي في مرحلته الأولى، المنطقة الممتدة من سد لبن حتى التقاءه بوادي حنيفة.
ويشتمل على تنظيف بطن الوادي وحوض السد من المخلفات، وتهذيب مجاري السيول، وإنشاء الطرق وإنارتها لتحسين حركة المرور التي ستقتصر على المتنزهين وأصحاب المزارع القائمة في الموقع، إضافة إلى تنفيذ ممر للخدمات، وأعمال التشجير والتنسيق، وإنشاء جلسات للتنزه.
ويتضمن الأعمال التالية:
تركز خطة الحركة المرورية في الوادي على الحركة المحلية التي تخدم قاطني الوادي والمتنزهين فيه، وقد تمّ تنفيذ الطرق بشكل يقلّل من تأثرها عند جريان مياه الفيضانات والسيول في الوادي، كما تحول حواف الطرق الجانبية دون دخول المركبات إلى بطن الوادي.
ويمتد الطريق المحلي في وادي لبن بطول 3800 متر، مزود بمواقف للسيارات تتسع لأكثر من 328 سيارة، وتم تجهيزه بمتطلبات السلامة المرورية، واللوحات الإرشادية،
أُنيرت الطرق وممرات المشاة بما يتناسب مع بيئة وطبيعة الوادي من خلال تركيب وحدات الإنارة بعدد 126 وحدة إنارة، وتزويدها بالطاقة من محطة كهربائية في الموقع.
بُسطت ممرات المشاة في مشروع تأهيل وادي لبن على شكل مسارات ترابية مدعمة بالأحجار بطول 4300 متر، وتتخلل المناطق الأكثر جذباً للمتنزهين كالمواقع المشجّرة وبالقرب من قناة المياه وحول التكوينات الصخرية، في الوقت الذي خصّص فيه الرصيف المحاذي للطريق كممر للمشاة أيضاً بمساحة تزيد عن 2800 متر مربع.
تمّ تشجير وادي لبن بما يتناسب مع بيئته الطبيعية من خلال زراعة الأشجار الطبيعية والشجيرات والأعشاب الصحراوية المناسبة وفقاً لبرنامج طويل الأمد لإعادة الغطاء النباتي في الوادي لوضعه الطبيعي، وذلك من خلال غرس 100 نخلة على طول رصيف المشاة، وتوزيع 1500 شجيرة من مختلف الأصناف في بطن الوادي.
تم تجهيز 30 موقعاً مطلاً على حوض سد لبن بجلسات حجرية للمتنزهين.
في ظهر يوم الثلاثاء 18 جمادى الأولى 1433هـ ، تفضّل صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز – رحمه الله – بتدشين مشروع التأهيل البيئي لكل من وادي نمار ووادي لبن “المرحلة الأولى”، وافتتح متنزه سد وادي نمار ومتنزه سد وادي لبن.
اشتمل مشروع التأهيل البيئي لوادي المهدية الذي يقع في الجزء الغربي من مدينة الرياض، على تنفـيذ طـريق محلي بطـول خمسة كيلومترات، وإنشاء 135 موقفاً للسيارات، وممـرات للمشـاة بطـول 1.2 كيلومتر، وزراعة الموقع بـ 4000 شجرة إضافة إلى أعمال الإنارة والتنسيق.
تضمن مشروع التأهيل البيئي لوادي أوبير المجاور لوادي المهدية غربي الرياض، على تنفـيذ طـريق محلي بطـول 6.5 كيل ومتر، وتزويده بـ 240 موقفاً للسيارات، وإنشاء ممـرات للمشـاة بطـول 2.5 كيلومتر، وتجهيز الموقع بـ 60 جلسة للمتـنزهين، إضافة لأعمال الإنارة والتشجير عبر 4000 شجـرة.
اشتمل مشروع التأهيل البيئي لوادي البطحاء على تنفـيذ طـريق محلي بطـول خمسة كيلومترات، وإنشاء مواقف للسيارات تتسع لـ 450 سيارة، وممـرات للمشـاة بطـول سبعة كيلومترات، وتجهيز الموقع بـ 42 جلسة للمتـنزهين، إضافة لأعمال الإنارة والتشجير، وتحسين قناة وادي البطحاء بطول 2 كيلومتر.
نفذت الهيئة الملكية لمدينة الرياض مشروع متنزه مطلات بحيرة نمار على مساحة 260 ألف متر مربع، حيث اشتمل على تجهيزات ومرافق وخدمات تتمثل في تنفيذ طريق بطول 2.5 كيلو متر، وإنشاء مواقف للسيارات تتسع لـ 500 سيارة، ورصف ممرات للمشاة بطول أربعة كيلومتر، إلى جانب تجهيز الموقع بـ 140 جلسة للمتنزهين، وإنشاء أربع ساحات لممارسة الرياضات المختلفة، وتجهيز منطقتين لألعاب الأطفال، وتنفيذ أربع دورات للمياه، إضافة إلى أعمال الإنارة، وتنسيق المواقع والتشجير بأكثر من 5000 شجرة.
كما أُقيم في الموقع شلال تصب مياهه من أعالي الوادي نحو بحيرة سد نمار بسعة مياه تبلغ 400 لتراً في الثانية.